ذكريات ليلة وفاتي
ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻴﻠﺔ
ﺑﺎﺭﺩﺓ ﻣﺎ ﻳﻌﻜّﺮ ﻫﺪﻭﺀﻫﺎ ﺇﻻّ ﺭﻳﺤﺔ ﺍﻟﻤﻄﻬّﺮ ﺍﻟﻠﻲ ﻳﻤﻴﺰ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎﺕ ، ﻭﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻧﻲ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﺃﺣﺲ ﺑﺄﻱ ﺃﻟﻢ ﺇﻻّ ﺃﻧﻲ ﻛﻨﺖ ﺃﺗﻘﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻳﺮﻱ ﺧﺎﻳﻔﺔ ﻣﻦ ﺑﻜﺮﻩ… ﻣﺎ ﺃﺩﺭﻱ ﻟﻴﺶ ؟!!!.
ﺍﺑﺘﺴﻤﺖ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺗﺬﻛﺮ ﺯﻭﺟﻲ، ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ:
ﻻ ﺗﺨﺎﻓﻴﻦ ﻳﺎ ﺍﻟﻌﻨﻮﺩ ﺍﻟﻄﺐ ﺗﻄﻮﺭ، ﻭﺃﻧﺎ ﺑﻠّﻒ ﺑﻚ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﻴﻦ ﺗﺸﻔﻴﻦ، ﻻ ﺗﺨﺎﻓﻴﻦ ﺃﻧﺎ ﻣﻌﻚ.
ﺍﺑﺘﺴﻤﺖ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺗﺬﻛﺮ ﻛﻼﻣﻪ ﻭﺍﻟﺨﻮﻑ ﺍﻟﻠﻲ ﺑﻨﻈﺮﺍﺗﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﺤﺎﻭﻝ ﻳﻄﻤﻨﻲ .. ﺃﻣﻲ ﻳﺎ ﺣﻠﻴﻠﻚ ﻳﺎ ﻳﻤّﻪ… ﻃﻮﻝ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﻠﻲ ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﺘﺤﺖ ﻋﻴﻮﻧﻲ ﺳﻤﻌﺖ ﺻﻮﺕ ﻫﻤﺴﺎﺗﻬﺎ ﺗﺪﻋﻲ ﻟﻲ، ﻭﺗﺘﻀﺮﻉ ﻟﻠﻪ .. ﻳﺎ ﺣﻠﻴﻠﻚ ﻳﺎ ﻳﻤّﻪ .. ﻭﻳﺎ ﺣﻠﻴﻞ ﻋﻴﻮﻧﻚ ﺍﻟﻠﻲ ﻣَﻮﺭْﻣﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ، ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻧّﻲ ﻣﺎ ﺃﺷﻮﻓﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﺗﺒﻜﻲ ..
ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺗﻐﻴﺮﺕ ﻫﺎﻷﻳﺎﻡ، ﺯﻭّﺍﺭﻱ ﻛﻠﻬﻢ ﺗﻐﻴﺮﻭﺍ، ﻣﺎ ﻋﺎﺩ ﻳﺠﻴﻨﻲ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺳﻨﻲ، ﻻ ﻣﺎ ﻋﺎﺩ ﺃﺷﻮﻑ ﺇﻻّ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻳﻠﺔ ﺍﻟﻠﻲ ﻳﺘﺼﻔﻮﻥ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ .. ﺷﻲﺀ ﻏﺮﻳﺐ !! ﻣﺎ ﺃﺩﺭﻱ ﻭﺵ ﺳﺒﺒﻪ؟! ﺣﺘﻰ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﻠﻲ ﺗﻄﺮﺡ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺘﻲ ﻛﻠﻬﺎ ﻋﻦ ﻗﻮﺓ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﺼﺒﺮ.
ﻭﻣﺎ ﻋﺎﺩ ﺃﺣﺪ ﻳﺬﻛﺮ ﻟﻲ ﺍﻷﻣﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻔﺎﺀ، ﻭﻻ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻳﻠﺔ!! ﺑﻨﺖ ﻋﻤﻲ ﻭﻟﺪﺕ ﻣﺎ ﺩﺭﻳﺖ ﺇﻻّ ﺑﺎﻟﺼﺪﻓﺔ، ﺳﻤﻌﺖ ﻭﺣﺪﺓ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻷﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﺯﻳﺎﺭﺗﻲ .. ﻭﺵ ﺻﺎﻳﺮ؟!!!!! ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺷﻜﻴﺖ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﻋﻨﻲ ﺷﻲﺀ ﺃﻧﺎ ﻣﺎ ﺃﻋﺮﻓﻪ! ﻳﻌﻨﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺘﻲ ﺷﻲﺀ؟!!!.
ﺑﺲ ﻃﺮﺩﺕ ﻭﺳﺎﻭﺳﻲ ﺑﺤﺠﺔ ﺇﻥ ﺍﻟﻄﺐ ﺗﻄﻮﺭ، ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﺷﻜﻠﻪ ﻣﻄّﻤّﻦ ﻋﻠﻲ، ﻭﺯﻭﺟﻲ ﻳﻘﻮﻝ ﺇﻧﻲ ﺑَﺸﻔﻰ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻛﻴﺪ .. ﻗﻄﻊ ﺻﻮﺕ ﺃﻣﻲ ﺣﺒﻞ ﺃﻓﻜﺎﺭﻱ، ﻭﻫﻲ ﺗﻨﺎﺩﻳﻨﻲ: ﺍﻟﻌﻨﻮﺩ ﻗﻮﻣﻲ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻣﻚ ﺻﻠّﻲ.
ﺍﺑﺘﺴﻤﺖ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺗﺬﻛﺮ ﻛﻴﻒ ﺃﻣﻲ ﺗﻐﻴﺮﺕ .. ﺃﻣﻲ ﺃﻭّﻝ ﻣﻦ ﻛﺜﺮ ﺣﺒﻬﺎ ﻟﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺮﺩ ﺇﺫﺍ ﺃﺫّﻥ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﺗﻬﻤﺲ ﻓﻲ ﺃﺫﻧﻲ ﺇﻧﻲ ﺃﺻﻠﻲ، ﻭﻛﻨﻬﺎ ﻭﺩﻫﺎ ﺇﻧﻲ ﻣﺎ ﺃﺳﻤﻌﻬﺎ ، ﻭﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻗﻤﺖ ﺗﻌﻴﻤﺖ ﻋﻨﻲ ﻭﺳﻜﺘﺖ ﻭﺍﺑﻌﺪﺕ، ﻭﻫﻲ ﺗﺪﻋﻲ ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻬﺪﻳﻨﻲ .. ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻣﺮﺿﻲ ﻭﻫﻲ ﺣﺮﻳﺼﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﻼﺗﻲ، ﺗﻘﻮﻣﻨﻲ ﺑﺼﻮﺕ ﺣﺰﻳﻦ ﻣﺴﺘﺴﻠﻢ، ﺍﺑﺘﺴﻤﺖ ﻭﻗﻠﺖ ﻟﻬﺎ: ﺃﻧﺎ ﻗﺎﻳﻤﺔ ﻳﺎ ﻳﻤّﻪ ..
ﺗﻨﻬﺪﺕ ﻭﻗﺎﻟﺖ : ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺸﻔﻴﻚ ﻳﺎ ﺑﻨﻴﺘﻲ ..
ﻗﻠﺖ : ﻳﻤّﻪ… ﻟﻴﺶ ﺃﻧﺖِ ﺣﺰﻳﻨﺔ؟! ﺗﺮﻯ ﺃﻧﺎ ﻃﻴﺒﺔ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻓﻴﻨﻲ ﺇﻻّ ﺍﻟﻌﺎﻓﻴﺔ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﺍﻟﻴﻮﻡ ..
ﻭﻃﻠﻌﺖ ﺃﻣﻲ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻛﻠﻤﻬﺎ ﻭﺗﺮﻛﺘﻨﻲ .. ﺍﺳﺘﻐﺮﺑﺖ، ﻭﺳﻜﺖ، ﻭﻗﻤﺖ ﺃﺻﻠﻲ .. ﻳﻮﻡ ﺳﻠّﻤﺖ ﻭﻗﺒﻞ ﻻ ﺃﻗﻮﻡ ﻋﻦ ﺳﺠﺎﺩﺗﻲ ﺇﻻّ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ ﻳﺪﻕ ﺍﻟﻔﺠﺮ!!! ﻣﻦ ﺟﺎﻱ ﻫﺎﻟﻮﻗﺖ ؟!!! ﺷﻔﺖ ﺃﺧﻮﻱ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﻳﻄﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﺏ .. ﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻪ ﺗﻨﻮّﺭ ﻭﺟﻬﻪ ﺍﻟﻤﻠﺘﺤﻲ، ﺑﺲ ﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻪ ﻛﻠﻬﺎ حزن
ﻗﺎﻝ :
ﻛﻴﻒ ﺣﺎﻟﻚ ﻳﺎ ﺍﻟﻐﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ؟! ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ ﺳﻠّﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻲ ﻭﺍﻧﺤﻨﻰ ﻳﺴﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻫﺎ ..
ﻗﻠﺖ : ﺍﻟﺤﻤﺪﻟﻠﻪ ﺑﺨﻴﺮ .. ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻧﺎ ﻃﻴﺒﻪ ، ﻭﺃﻇﻨﻬﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﻴﻄﻠﻌﻮﻧﻲ .. ﻋﻨﺪﻱ ﺇﺣﺴﺎﺱ !!
ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺇﻧﻲ ﻛﻨﺖ ﺃﺑﻲ ﺃﻓﺮﺣﻪ ﺇﻻّ ﺃﻧﻪ ﺍﻟﺘﻔﺖ ﻋﻨﻲ ﻭﺭﺍﺡ ﻟﻠﺸﺒﺎﻙ ، ﻭﻓﺘﺤﻪ ﻭﻭﻗﻒ ﻋﻨﺪﻩ ﺷﻮﻱ ﻭﻫﻮ ﻳﺘﻨﻔﺲ ﺑﻌﻤﻖ ﻭﻳﺬﻛﺮ ﺍﻟﻠﻪ .. ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻳﺤﺎﻭﻝ ﻳﻄﺮﺩ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ، ﺑﻌﺪﻳﻦ ﻗﺎﻝ ﺑﺪﻭﻥ ﻣﺎ ﻳﺮﻓﻊ ﻋﻴﻨﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺽ : ﻭﺩّﻱ ﺃﻏﻴّﺮ ﺍﺗﺠﺎﻩ ﺳﺮﻳﺮﻙ ﻳﺎ ﺍﻟﻌﻨﻮﺩ ..
ﻭﻗﺒﻞ ﻻ ﺃﺭﺩ ﺣﺮّﻙ ﺍﻟﺴﺮﻳﺮ ﻭﺧﻼّﻩ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﻘﺒﻠﺔ… ﺍﺑﺘﺴﻤﺖ، ﻗﻠﺖ : ﻟﻴﻴﺶ ؟!!!!!!!!
ﻗﺎﻝ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺭﻓﻊ ﻋﻴﻨﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺑﺼﻮﺕ ﻣﺮﺗﻌﺶ : ﺃﻓﻀﻞ ﻋﻠﺸﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﺩﻋﻴﺘﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻜﻮﻧﻴﻦ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻟﻠﻘﺒﻠﺔ ..
ﻗﻠﺖ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺿﺤﻚ : ﻣﺤﻤﺪ ﺃﺧﺎﻑ ﺫﻱ ﺑﺪﻋﺔ ، ﺍﻧﺘﺒﻪ !!
ﻟﻢ ﻳﺮﺩ ﻋﻠﻲ ﻣﺤﻤﺪ ، ﻭﺣﻂ ﻣﺼﺤﻒ ﺟﻨﺐ ﺳﺮﻳﺮﻱ ﻭﺧﺮﺝ ﻭﺗﺮﻛﻨﻲ، ﻭﻟﺤﻘﺘﻪ ﺃﻣﻲ، ﻭﺃﻧﺎ ﺍﺑﺘﺴﻤﺖ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺗﺬﻛﺮ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺎﺕ ﺍﻟﺤﺎﺩﺓ ﺍﻟﻠﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪﻭﺭ ﺑﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ .. ﻛﺎﻥ ﺩﺍﻳﻢ ﻳﻨﺼﺤﻨﻲ ﻭﻳﻮﻋﻈﻨﻲ، ﻭﺃﻧﺎ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺇﻧﻲ ﺃﺣﺘﺮﻣﻪ ﺇﻻّ ﺃﻧﻲ ﻛﻨﺖ ﺃﻧﺎﻗﺸﻪ ﻓﻲ ﺃﻱ ﻓﻜﺮﺓ ﻳﻘﻮﻟﻬﺎ، ﻭﺃﻗﻮﻝ ﺍﻟﻠﻲ ﻓﻲ ﺧﺎﻃﺮﻱ ، ﻭﻫﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﺘﻘﺒّﻞ ﻟﻠﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﻭﻳﺮﺩ ﺑﺮﺣﺎﺑﺔ ﺻﺪﺭ..
ﺭﺟﻌﺖ ﻟﺴﺮﻳﺮﻱ ﻭﺗﻤﺪﺩﺕ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﻌﻼً ﻫﺎﻟﻤﻜﺎﻥ ﺃﺣﺴﻦ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﻝ، ﻫﻨﺎ ﺃﻗﺪﺭ ﺃﺷﻮﻑ ﺍﻟﺤﺪﻳﻘﺔ ﺍﻟﻠﻲ ﺑﺮّﺍ، ﻭﺃﺷﻮﻑ ﺍﻟﻌﺼﺎﻓﻴﺮ ﺗﻐﺮﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺢ ..
ﺗﺬﻛﺮﺕ ﺷﺒﺎﻙ ﻏﺮﻓﺔ ﺑﻨﺘﻲ ﺳﺎﺭﺓ، ﺃﻛﻴﺪ ﺍﻟﻌﺼﺎﻓﻴﺮ ﻣﺘﺠﻤﻌﺔ ﻋﻨﺪﻩ ﺃﻟﺤﻴﻦ .. ﻳﺎ ﻣﺎ ﺃﺯﻋﺠﺘﻨﻲ ﺃﺻﻮﺍﺕ ﺗﻐﺮﻳﺪﻫﺎ، ﻭﻓﺘﺤﺖ ﺍﻟﺸﺒﺎﻙ ﻋﻠﺸﺎﻥ ﺃﻓﺮّﻗﻬﺎ، ﻻ ﺗﻘﻮﻡ ﺣﺒﻴﺒﺘﻲ ﺳﺎﺭﺓ ﻭﺗﺮﺗﺎﻉ .. ﻳﻮﻩ… ﻭﻳﻨﻚ ﻳﺎ ﺳﺎﺭﺓ؟! ﺑﻜﺮﺓ ﺑﺘﻨﺎﻣﻴﻦ ﻓﻲ ﺣﻀﻨﻲ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺃﺑﻌﻮﺿﻚ ﻋﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺍﻟﻠﻲ ﻗﻀﻴﺘﻬﺎ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻋﻨّﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ، ﺑﻜﺮﺓ ﺃﺑﺸﻢ ﺭﻳﺤﺘﻚ ﻳﺎ ﻋﻤﺮﻱ.
ﺩﺧﻠﺖ ﺃﻣﻲ ، ﻗﻠﺖ : ﻳﻤّﻪ ﺳﺎﺭﺓ ﺗﺮﺍﻫﺎ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﺗﺠﻴﻬﺎ ﻛﻮﺍﺑﻴﺲ ، ﻋﺴﺎﻙ ﻭﺻﻴﺘﻲ ﻧﻮﺭﺓ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻻ ﺗﻔﺎﺭﻗﻬﺎ ﻟﻮ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻟﻴﻦ ﺃﺟﻲ.
ﻗﺎﻟﺖ ﺃﻣﻲ : ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻚِ ﺃﻧﺖِ، ﺳﺎﺭﺓ ﻣﺮﺗﺎﺣﺔ، ﻓﻜﺮﻱ ﺑﻨﻔﺴﻚ ﺑﺲ ..
ﺗﻤﺪﺩﺕ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻳﺮﻱ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻃﺎﻟﻊ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺎﺋﻂ، ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺑﻴﺠﻲ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ 10 ﻭﺃﺑﻘﻮﻟﻪ ﺇﻧﻲ ﺃﺑﻄﻠﻊ ﺧﻼﺹ، ﻣﺎﻟﻪ ﺩﺍﻋﻲ ﺃﺭﺑﻚ ﺃﻫﻠﻲ ﻭﺯﻭﺟﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻛﺬﺍ، ﺧﺎﺻﺔ ﺃﺧﻮﻱ ﻣﺎﺟﺪ ﻗﺮّﺏ ﻋﺮﺳﻪ .. ﻭﺳﺤﺒﺖ ﻣﺠﻠﺔ ﺃﺯﻳﺎﺀ، ﻭﻓﺘﺤﺖ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺤﻪ ﺍﻟﻤﻮﺩﻳﻞ ﺍﻟﻠﻲ ﺍﺧﺘﺮﺗﻪ ﻟﺰﻭﺍﺝ ﺃﺧﻮﻱ ﻣﺎﺟﺪ، ﻭﺍﺗﺨﻴﻠﺖ ﺷﻜﻠﻲ ﻭﺃﻧﺎ ﻻﺑﺴﺘﻪ، ﻳﻮﻭﻭﻩ ﺃﺑﻘﻬﺮ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻨﺎﺕ ﺍﻟﻠﻲ ﻳﻨﺎﻓﺴﻮﻧﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻳﻠﺔ، ﺃﺑﻜﺴﺮ ﻋﻴﻨﻬﻢ .. ﻭﻗﻌﺪﺕ ﺃﻓﻜﺮ… ﻛﻴﻒ ﺃﻗﻨﻊ ﺍﻟﺨﻴﺎﻃﺔ ﻋﻠﺸﺎﻥ ﺗﻮﺍﻓﻖ ﺗﺨﻴﻄﻪ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ ﻏﻔﻴﺖ ...
ﻗﻤﺖ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺕ ﺃﺧﻮﻱ ﻣﺤﻤﺪ ﻳﻘﺮﺃ ﻗﺮﺁﻥ ﻋﻨﺪ ﺭﺍﺳﻲ، ﻭﻓﺘﺤﺖ ﻋﻴﻮﻧﻲ، ﻭﺍﺑﺘﺴﻤﺖ ﻟﻪ ..
ﻗﻠﺖ : ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺭﺣﺖ ﺍﻟﺒﻴﺖ ؟!!! ﻳﻮﻩ ﻭﻋﻤﻠﻚ ؟!!!!
ﻣﺎﺭﺩ ﻋﻠﻲ ﻭﻛﻤّﻞ ﻗﺮﺍﻳﺔ ﻟﻴﻦ ﺧﺘﻢ ﺍﻟﺴﻮﺭﺓ، ﻭﻫﺬﺍ ﺃﺑﻮ ﺳﺎﺭﺓ ﺯﻭﺟﻲ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﺍﻟﻠﻲ ﻣﺴﻚ ﻳﺪﻱ، ﻭﻗﺎﻝ ﻭﻫﻮ ﻳﺒﺘﺴﻢ ﺑﺤﻨﺎﻥ : ﻫﺎﻩ ﺍﻟﻌﻨﻮﺩ … ﻋﺴﺎﻙِ ﻣﺎ ﺣﺴﻴﺘﻲ ﺑﺸﻲﺀ؟!
ﺍﺳﺘﻐﺮﺑﺖ ﻣﻦ ﺳﺆﺍﻟﻪ ! ﻗﻠﺖ : ﻻ ﺃﻧﺎ ﻳﺎ ﺧﺎﻟﺪ ﻃﻴﺒﺔ، ﻣﺎ ﻓﻴﻨﻲ ﺇﻻّ ﺍﻟﻌﺎﻓﻴﺔ، ﻭﻭﺩﻱ ﺃﻃﻠﻊ ﺍﻟﺼﺮﺍﺣﺔ ..
ﻗﺎﻝ : ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺸﻔﻴﻚِ ..
ﻭﺍﺑﺘﻌﺪ ﻋﻨﻲ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻻ ﺃﺷﻮﻑ ﺩﻣﻮﻋﻪ، ﻭﻓﻲ ﻫﺎﻟﻠﺤﻈﺔ ﺳﻤﻌﻨﺎ ﺩﻗﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﺏ، ﻭﺩﺧﻠﺖ ﺍﻟﻤﻤﺮﺿﺔ ﻟﺘﻌﻠﻦ ﻭﺻﻮﻝ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ .. ﻭﻓﻲ ﻫﺎﻟﻠﺤﻈﺔ ﺯﻭﺟﻲ ﻧﻘﺰ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻛﺄﻧّﻪ ﻣﻘﺮﻭﺹ، ﻭﺧﺮﺝ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺍﻟﻠﻲ ﻳﺒﻲ ﻳﻬﺮﺏ، ﺃﻣﺎ ﺃﻧﺎ ﻓﺮﺣﺖ ﻗﻠﺖ ﻟﻠﻤﻤﺮﺿﺔ ﺑﺤﻤﺎﺱ : ﺧﻠّﻴﻪ ﻳﺪﺧﻞ ﺃﻧﺎ ﺟﺎﻫﺰﺓ !!
ﻭﺩﺧﻞ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ، ﻃﺒﻴﺒﻲ ﻳﺸﺒﻪ ﺃﺧﻮﻱ ﻣﺤﻤﺪ ﻛﺜﻴﺮ، ﻣﺴﻠﻢ ﻣﻠﺘﺰﻡ ﻣﻠﺘﺤﻲ ﻭﻣﺤﺘﺮﻡ، ﻣﺎ ﺃﺫﻛﺮ ﻣﺮّﺓ ﺇﻧﻪ ﺭﻓﻊ ﻋﻴﻨﻪ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻲ ﺇﻻّ ﻟﻠﻀﺮﻭﺭﺓ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺳﺘﺤﻲ ﻣﻨﻪ ﻣﺮّﺓ، ﺑﺲ ﺃﺛﻖ ﻓﻴﻪ ﻭﺃﻋﺘﺒﺮﻩ ﺯﻱ ﺃﺧﻮﻱ ..
ﻗﺎﻝ : ﻫﺎﻩ .. ﻛﻴﻒ ﺣﺎﻟﻚ ﻳﺎ ﺍﻟﻌﻨﻮﺩ؟!
ﻗﻠﺖ ﺑﺴﺮﻋﺔ : ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻳﺎ ﺩﻛﺘﻮﺭ، ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻓﻀﻞ ﻳﻮﻡ ﻟﻲ ﻣﻦ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻣﺮﺿﻲ، ﻭﺃﺑﻲ ﺃﻃﻠﻊ ﺧﻼﺹ ، ﺍﺷﺘﻘﺖ ﻟﺒﻴﺘﻲ .. !!
ﺃﺧﻮﻱ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﻲ ﻫﺎﻟﻠﺤﻈﺔ ﻃﻠﻊ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻭﺃﻣﻲ ﻟﺤﻘﺘﻪ ﻭﺗﺮﻛﻮﻧﻲ ﻟﺤﺎﻟﻲ ﻣﻊ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﻭﺍﻟﻤﻤﺮﺿﺔ ، ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺘﻮﻗﻌﻮﻥ ﺍﻧﻔﺠﺎﺭ ﻟﻐﻢ .. ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﺑﻮﺟﻪ ﺟﺎﻣﺪ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺫﺭّﻩ، ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻣﻮ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻲ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺇﻻّ ﻛﺄﻧﻪ ﻳﺤﻜﻲ ﺑﻠﻐﻪ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ، ﻗﺎﻝ : ﺍﻟﻌﻨﻮﺩ ﺃﻧﺎ ﺑﻜﺘﺒﻠﻚ ﺧﺮﻭﺝ !!
ذكريات ليلة وفاتي
ﻧﻮّﺭ ﻭﺟﻬﻲ ﺑﺎﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺩﺱ ﻳﺪﻳﻨﻲ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻐﻄﻮﺓ ﻻ ﻳﺸﻮﻓﻬﺎ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ، ﻭﻛﻤّﻞ ﻛﻼﻣﻪ ﺑﻮﺟﻪ ﺟﺎﻣﺪ: ﺍﻟﻌﻨﻮﺩ .. ﺃﻧﺖِ ﻭﺣﺪﺓ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﻭﺃﻛﻴﺪ ﻋﺎﺭﻓﺔ ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺣﻖ .. ﻭﺳﻜﺖ ...
ﺗﺴﺎﺭﻋﺖ ﺃﻧﻔﺎﺳﻲ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻗﻮﻝ : ﺇﻳﻪ… ﻛﻤّﻞ ﻳﺎ ﺩﻛﺘﻮﺭ..
ﺣﺎﻟﺘﻚ ﻣﻴﺆﻭﺱ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﺑﻄﻠﻌﻚ ﻋﻠﺸﺎﻥ ﺗﻘﻀﻴﻦ ﺁﺧﺮ ﺃﻳﺎﻣﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻠﻲ ﺗﺤﺒﻴﻨﻪ .. ﻭﺭﺟﻊ ﻟﺼﻤﺘﻪ ﻭﺳﻜﺖ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ، ﻭﺳﻜﺖ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ، ﺑﺲ ﺃﻧﺎ ﻣﺎ ﻋﺎﺩ ﺃﺳﻤﻊ ﺇﻻّ ﺻﻮﺕ ﺃﻧﻔﺎﺳﻲ ﻭﺻﻮﺕ ﺃﻛﻮﺍﻡ ﺍﻷﻣﻞ ﺍﻟﻠﻲ ﺍﻧﻬﺪﺕ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻲ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺼﺪﻣﺔ ﺭﻣﻴﺖ ﻏﻄﻮﺗﻲ ﺑﻌﻴﺪ ﻭﻗﻤﺖ ﺑﺤﻤﺎﺱ، ﻭﻛﺄﻧﻲ ﺑﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﺣﻴﺎﺗﻲ، ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻲ ﻳﺒﻲ ﻳﺴﻠﺒﻬﺎ ﻣﻨﻲ، ﻭﺍﻧﺤﻨﻴﺖ، ﻭﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﺃﺣﻂ ﻋﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﻋﻴﻦ ﻃﺒﻴﺒﻲ ﺍﻟﻠﻲ ﻣﺎ ﺭﻓﻌﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﻷﺭﺽ، ﻭﻗﻠﺖ ﺑﺤﻤﺎﺱ : ﺩﻛﺘﻮﺭ!!! ﻻ ﺗﻘﻮﻝ ﻛﺬﺍ ﺃﻧﺎ ﻃﻴﺒﺔ! ﺩﻛﺘﻮﺭ!!! ﻭﺵ ﻫﺎﻟﻜﻼﻡ؟!!! ﺩﻛﺘﻮﻭﻭﺭ ﻛﻴﻒ ﺍﻟﻄﺐ ﻳﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﺘﻲ ﺃﻧﺎ؟!!!!! ﺃﻧﺎ؟!!! ﺃﺻﻼً ﺃﺑﻮ ﺳﺎﺭﺓ ﻗﺎﻝ ﺇﻧّﻪ ﺑﻴﻠﻒ ﺑﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ!!! ﻛﻴﻒ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﻳﻨﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺷﺒﺎﺑﻲ ﻭﺣﻴﻮﻳﺘﻲ؟!! ﺃﻧﺎ ﺃﻗﻮﻯ ﻣﻨﻪ ﺃﻛﻴﺪ ..
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ : ﻳﺎ ﺍﻟﻌﻨﻮﺩ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺑﻴﺪ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺍﻟﻄﺐ ﻭﺳﻴﻠﺔ، ﻭﻣﺎ ﺃﺩﺭﻱ؟! ﻳﻤﻜﻦ ﻳﺒﻘﺎﻟﻚ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺃﻭ ﺃﻳﺎﻡ ﺃﻭ ﺃﺳﺎﺑﻴﻊ ؟! ﺑﺲ ﺣﺎﻟﺘﻚ ﻳﺎ ﺍﻟﻌﻨﻮﺩ ﻣﺎ ﻋﺎﺩ ﻧﻘﺪﺭ ﻧﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ... (ﻭﺳﻜﺖ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ) ..
ﻗﺒﻞ ﻻ ﻳﻄﻠﻊ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﻗﺎﻝ، ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻳﺒﻲ ﻳﺨﻔﻒ ﻋﻨﻲ : ( ﻭﺃﺑﻌﻄﻴﻚ ﺃﻗﻮﻯ ﺍﻟﻤﻬﺪﺋﺎﺕ ﻭﻻ ﺭﺍﺡ ﺗﺤﺴﻴﻦ ﺑﺎﻷﻟﻢ ﻓﻲ ﺑﺎﻗﻲ ﺃﻳﺎﻣﻚ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ .. ﺣﺴّﻴﺖ ﺳﺎﻋﺘﻬﺎ ﺇﻧﻲ ﻣﺠﻮﻓﺔ ﻓﺎﺿﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ، ﺣﺴﻴﺖ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺳﻮﺩﺍﺀ ﺣﻮﺍﻟﻴﻨﻲ، ﻭﺑﺪﺕ ﺗﺘﻀﺢ ﻟﻲ ﺻﻮﺭ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ﻓﻲ ﻣﺨﻴﻠﺘﻲ، ﺃﻭﻝ ﺻﻮﺭﺓ ﺷﻔﺘﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻮﺭﺓ ﺳﺎﺭﺓ ﺑﻨﺘﻲ ﻭﻫﻲ ﺗﻀﺤﻚ ﻭﻋﻤﺮﻫﺎ ﺷﻬﻮﺭ .. ﻭﺑﻌﺪﻳﻦ ﺷﻔﺖ ﺻﻮﺭﺓ ﺯﻭﺍﺟﻲ ﻭﺃﻧﺎ ﻻﺑﺴﺔ ﺃﺑﻴﺾ ﻭﺯﻭﺟﻲ ﻣﺎﺳﻚ ﻳﺪﻱ ﺑﻔﺨﺮ، ﻭﻫﺬﻱ ﺃﻣﻲ ﻭﻫﺬﻱ ﺯﻣﻴﻠﺘﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﺷﻔﺘﻬﺎ، ﻣﻊ ﺇﻧﻲ ﻣﻦ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺼﻴﻒ ﻣﺎ ﻗﺎﺑﻠﺘﻬﺎ ﻭﻻ ﻛﻠﻤﺘﻬﺎ، ﻭﻫﺬﻭﻻ ﻋﺼﺎﻓﻴﺮ ﻏﺮﻓﺔ ﺳﺎﺭﺓ .. ﻭﺁﺧﺮ ﺻﻮﺭﺓ ﺷﻔﺘﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﻻ ﺃﻓﻮﻕ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺴﺘﺎﻥ ﺯﻭﺍﺝ ﻣﺎﺟﺪ ﺍﻟﻠﻲ ﺍﺧﺘﺮﺗﻪ ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻷﺯﻳﺎﺀ ..
ﺣﺴﻴﺖ ﺑﺎﺧﺘﻨﺎﻕ ﻭﺿﻴﻖ، ﻫﺬﺍ ﺣﻀﻦ ﺃﻣﻲ ﺍﻟﻠﻲ ﺩﺧﻠﺖ ﻋﻠﻲ ﻭﺿﻤﺘﻨﻲ، ﻭﺃﺑﻌﺪﻫﺎ ﻋﻨﻲ ﺑﻘﻮﺓ ﻭﻗﺎﻭﻣﺖ ﻋﻠﺸﺎﻥ ﺃﺗﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺣﻀﻨﻬﺎ، ﻭﺳﻤﻌﺖ ﺻﻮﺕ ﺯﻭﺟﻲ ﻳﻜﻠﻢ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺒﺎﺏ، ﻃﺎﻟﻌﺖ ﺃﻣﻲ ﺑﻌﺼﺒﻴﺔ، ﻭﻗﻠﺖ : ﻳﻤّﻪ ﻣﺎ ﺃﺑﻲ ﺃﺷﻮﻑ ﺧﺎﻟﺪ !!
ﻛﺎﻧﺖ ﺭﻏﺒﺎﺗﻲ ﺃﻭﺍﻣﺮ ﻓﻲ ﺫﻳﻚ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ، ﺭﻛﻀﺖ ﺃﻣﻲ ﻭﺭﺩّﺗﻪ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺒﺎﺏ، ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﺃﺑﻲ ﺃﺷﻮﻓﻪ، ﻛﻨﺖ ﻣﺘﺄﻛﺪﺓ ﺇﻧﻲ ﻣﺎ ﺭﺍﺡ ﺃﺗﺤﻤﻞ ﺷﻮﻓﺘﻪ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ، ﺣﺴّﻴﺖ ﺇﻧﻪ ﺑﻴﺬﻛﺮﻧﻲ ﺑﺄﻳﺎﻡ ﺍﻟﺮﺧﺎﺀ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻟﺤﻴﻦ ﻓﻲ ﺷﺪﺓ .. ﻭﻳﻨﻜﻢ ﻳﺎ ﺃﻫﻠﻲ؟!! ﺑﺲ ﻣﺎ ﺃﺑﻲ ﻏﻴﺮﻛﻢ.. ﻣﺎ ﺑﻜﻴﺖ ﻭﻻ ﻧﺰﻟﺖ ﻣﻨﻲ ﻭﻻ ﺩﻣﻌﺔ، ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﻛﺎﻥ ﻓﻮﻕ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ، ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ﺗﺤﻤﺴﺖ ﻭﻗﻠﺖ : ﻳﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺑﻄﻠﻊ !!
ذكريات ليلة وفاتي
ﺃﻛﻤﻠﺖ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺧﺮﻭﺟﻲ، ﻭﻗﺒﻞ ﻻ ﺃﻃﻠﻊ ﺟﺖ ﺍﻟﻤﺮﻳﻀﺔ ﺍﻟﻠﻲ ﺑﺘﺎﺧﺬ ﻏﺮﻓﺘﻲ، ﻃﺎﻟﻌﺖ ﻋﻴﻮﻧﻬﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺮﻳﻖ ﺃﻣﻞ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻋﻦ ﻧﻈﺮﺗﻲ ﺃﻧﺎ، ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻈﺮﺗﻲ ﻣﻴﺘﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻣﺎﻟﻬﺎ ﻟﻤﻌﺔ .. ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻸﻣﻞ ﺑﺮﻳﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ .. ﻭﻃﻠﻌﺖ ﻗﻠﺖ ﻷﺧﻮﻱ: ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺎ ﺃﺑﻲ ﺑﻴﺘﻲ ، ﺃﺑﻲ ﺃﺭﻭﺡ ﻟﻐﺮﻓﺘﻲ ﻗﺒﻞ ﻻ ﺃﻋﺮﻑ ﺧﺎﻟﺪ !!
ﻭﻓﻌﻼً ﺃﺧﻮﻱ ﺑﺪﻭﻥ ﺃﻭﺍﻣﺮﻱ ﻛﺎﻥ ﺭﺍﻳﺢ ﻟﺒﻴﺖ ﺃﻫﻠﻲ .. ﻭﻧﺰﻟﺖ ﻭﺩﺧﻠﺖ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺑﺲ ﻣﺎ ﻟﻘﻴﺖ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﻟﻲ ﺇﻻ ﺧﻮﺍﺗﻲ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ!! ﻭﺍﻟﺒﻴﺖ ﻛﺄﻧﻬﻢ ﺃﺧﻠﻮﻩ ﻟﻲ! ﻫﺬﺍ ﺑﻴﺖ ﺃﻫﻠﻲ ﺍﻟﻌﺎﻣﺮ ﺍﻟﻠﻲ ﺍﻟﻜﻞ ﺩﺍﺧﻞ ﻃﺎﻟﻊ !! ﺃﻟﺤﻴﻦ ﻫﺎﺩﻱ ﻛﺄﻧﻪ ﻣﻘﺒﺮﺓ!!!
ﺭﺣﺖ ﻟﻐﺮﻓﺘﻲ ﻭﺭﻣﻴﺖ ﻋﺒﺎﻳﺘﻲ، ﻛﻨﺖ ﻧﺎﻭﻳﺔ ﺃﺗﺤﻤﻢ ﻭﺃﻏﻴﺮ ﻣﻼﺑﺴﻲ، ﻭﺃﺳﺘﻌﺪ ﻋﻠﺸﺎﻥ ﺃﺿﻢ ﺳﺎﺭﺓ ﻟﺼﺪﺭﻱ ﺑﺲ ﺃﻟﺤﻴﻦ ﻏﻴﺮﺕ ﺭﺍﻳﻲ، ﻣﺎ ﺃﺑﻲ ﺃﺷﻮﻑ ﺳﺎﺭﺓ، ﻣﺎ ﺃﺑﻲ ﺃﺷﻌﺮ ﺇﻧﻬﺎ ﻣﻌﺘﻤﺪﺓ ﻋﻠﻲ ﻓﻲ ﺷﻲﺀ، ﺃﺑﻲ ﺃﻭﻛﻞ ﺃﻣﺮﻫﺎ ﻟﻠﻪ، ﻭﻧِﻌﻢ ﺑﺎﻟﻠﻪ .. ﺃﺑﺨﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻭﺩﺍﻋﺔ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﻭﻣﻦ ﻳﺤﻔﻆ ﺍﻟﻮﺩﺍﺋﻊ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻠﻪ ! ﺩﺧﻠﺖ ﺃﻣﻲ ﻭﻫﻤﺴﺖ ﺑﺼﻮﺕ ﻭﺍﻃﻲ، ﻗﺎﻟﺖ:
ﺍﻟﻌﻨﻮﺩ ﻭﺵ ﺗﺒﻴﻦ ﺗﺎﻛﻠﻴﻦ؟!!!
ﻗﻠﺖ ﻟﻬﺎ : ﻭﻻ ﺷﻲﺀ !!
ﻭﻗﻠﺘﻬﺎ ﺑﺤﺰﻡ ﻭﻗﻮﺓ : ﻳﻤّﻪ ﻣﺎ ﺃﺑﻲ ﺷﻲﺀ !!
ﺃﻣﻲ ﺃﻭّﻝ ﻛﺎﻧﺖ ﺩﺍﻳﻢ ﺗﺘﺎﺑﻊ ﺃﻛﻠﻲ ﻭﺗﺠﺒﺮﻧﻲ ﺇﻧﻲ ﺁﻛﻞ، ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺗﺰﻭﺟﺖ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺮﺟﻨﻲ ﻋﻨﺪ ﺯﻭﺟﻲ ﺍﻟﻠﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﻀﺤﻚ ﻣﻦ ﺣﺮﺻﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﻠﻲ، ﻭﻛﺄﻧﻲ ﻃﻔﻠﺔ، ﺑﺲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭ